القضاء على ختان الإناث بحلول عام 2030

 

تعبر قصيدة للكاتب الصومالي داه ابو علي موسى عن الألم الناجم عن ختان الإناث، وهي ممارسة يعاني منها أكثر من 140 مليون فتاة وامرأة في العالم:

"هذا ما كانت تدعوه جدتي الأحزان الأنثوية الثلاثة وهي يوم الختان وليلة الزفاف وولادة الطفل".

يشير ختان الإناث، أول الأحزان الأنثوية الثلاثة، إلى جميع العمليات التي تشمل الإزالة الجزئية أو الكلية للأعضاء التناسلية الخارجية للإناث أو أي أضرار أخرى للأعضاء التناسلية الأنثوية لأسباب غير طبية. هذه الممارسة تهدد حياة الفتاة سواء أثناء إجراء العملية أو طوال فترة حياتها. وهي أيضاً انتهاك للحق في الإنجاب، حيث أنها تنتهك الحق في السلامة الصحية والجسدية، وهي شكل من أشكال العنف ضد النساء والفتيات.

لقد ألزمت معظم البلدان نفسها بحماية حقوق النساء والفتيات من خلال التصديق على عدد من المعاهدات الدولية والإقليمية. في ديسمبر عام 2014، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بشأن ’تكثيف الجهود العالمية للقضاء على ختان الإناث‘،مكررتاً التزام المجتمع الدولي بالقضاء على ختان الإناث.

في الأشهر المقبلة، سوف يتفق قادة العالم على مجموعة جديدة من الأهداف الإنمائية المستدامة لتحل محل الأهداف الإنمائية للألفية. يشمل أحد المقترحات هدفاً بشأن القضاء على جميع الممارسات الضارة، مثل ختان الإناث، بحلول عام 2030.

وعلى الرغم من الإجراءات العالمية والوطنية للقضاء على هذه الممارسة، لا يزال ختان الإناث منتشراً على نطاق واسع. هل يمكن تحقيق ذلك؟ تبدو المهمة صعبة. وعلى الرغم من الإجراءات العالمية والوطنية للقضاء على هذه الممارسة، لا يزال ختان الإناث منتشراً على نطاق واسع. وهو أكثر شيوعاً في 29 بلداً في أفريقيا؛ وفي بعض البلدان في آسيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية؛ وبين المهاجرين من هذه المناطق المستقرين في الدول الغربية. يختلف انتشار ختان الإناث بين البلدان، فيحدث بنسبة 96.7% بين الفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 15-19 عاماً في الصومال إلى نسبة 0.4% في الكاميرون. وعلى الرغم من انخفاض انتشار ختان الإناث في بلدان عديدة، فإن معدل هذا الانخفاض أقل بكثير مما هو مطلوب. وإذا استمر الاتجاه الحالي على ما هو عليه، فإن تقدير صندوق الأمم المتحدة للأنشطة السكانية هو أن 86 مليون فتاة من مواليد الفترة 2010-2015 سوف يصبحن معرضات لخطر الختان بحلول عام 2030.

ولكن يمكن عكس هذا الاتجاه. نحن بحاجة إلى التعلم من تجاربنا وتصميم وتوسيع نطاق برامج لها تأثير حقيقي في حياة النساء والفتيات. وهذا هو السبب في أن صندوق الأمم المتحدة للأنشطة السكانية واليونيسيف يقودان أكبربرنامج عالمي لتسريع وتيرة القضاء على ختان الإناث، وهذا البرنامج فعال حالياً في 17 بلداً. وبالتالي، ماذا تعلمنا حتى الآن؟ ما هو الذي يحقق نجاحاً؟

إنشاء حركة للقضاء على ختان الإناث

من الضروري الوصول إلى الفتيات والنساء اللاتي تنتهك حقوقهن بسبب ختان الإناث، وفي نفس الوقت إشراك الحكومات وجهات معنية أخرى يمكنها أن تتحمل المسؤولية للقضاء عليه. ومن المهم، على وجه الخصوص، توعية القادة السياسيين بشأن ختان الإناث، وإنشاء شبكات من الأنصار والنشطاء، ونشر المعلومات عن التطورات المحلية والإقليمية والعالمية.

ترجمة التشريع إلى العمل

يجب على الدول أن تضمن وجود أحكام وطنية كافية لمنع ختان الإناث، والتي تشمل التجريم والتنفيذ المناسب والمقاضاة. وتقوم الدول بالتبليغ عن الدرجات المتفاوتة لتنفيذ القانون، وتقر جهات معنية عديدة بان وجود قوانين ضد ختان الإناث يمنحها النفوذ والشرعية لدعم عملها في مجال الدعوة. وبالمثل، تتيح عملية إبلاغ السكان عن قانون جديد فرصاً لمناقشة ختان الإناث علانية، مما يرفع درجة الوعي. كما يمكن أن تؤدي التغطية الإعلامية للمحاكمات وجلسات الاستماع العلنية في المحاكم إلى إعلام الناس عن التشريعات.

  • إشراك العاملين في مجال الصحة في عملية القضاء على ختان الإناث

ولأن العاملين في مجال الصحة  يدركون تماماً العواقب الكبيرة لختان الإناث على الصحة الجنسية والإنجابية، فإنهم يتصدون على نحو متزايد لهذه الممارسة. كما تؤدي مهاراتهم المتقدمة، في الوقاية وتوفير الرعاية للفتيات والنساء اللاتي تعرضن للختان، إلى استكمال عملية تغيير السلوك المجتمعي.


Flickr/DFID UK Department for International Development (Some rights reserved)

A traditional Burkinabé midwife educates women on FMG and its effects on child birth.


  • إعادة صياغة المفاهيم والتقاليد وتمكين الفتيات

يعتبر ختان الإناث من التقاليد المتجذرة بعمق، وهو لا يزال مستمراً باعتباره عرف اجتماعي تؤيده علاقات القوة و البنى الكامنة للعلاقات بين الجنسين . إعادة صياغة المفاهيم والتقاليد المتعلقة بختان الإناث، بدلاً من السعي لتشويه سمعة التقاليد المترسخة منذ فترة طويلة، أمر ضروري لتسريع وتيرة القضاء على الختان. وقد كان لإنشاء أعراف  اجتماعية جديدة نتائج مشجعة في دول مثل السودان، حيث تم إنشاء مصطلح إيجابي للنساء والفتيات اللاتي لم يخضعن للختان، هو مصطلح ’سليمة‘، ليحل محل المفاهيم السلبية المستخدمة لمثل هذه الفتيات. وبالمثل، في كينيا وأوغندا وتنزانيا، تم إدخال حلول وممارسات بديلة، يصحبها جلسات توعية للمجتمع. يتم تعليم الفتيات مجموعة واسعة من المواضيع، التي تشمل القيم التقليدية الإيجابية ومهارات الحياة، بجانب حقوق الإنسان. هذا يؤدي إلى إعدادهن ليصبحن مرشدات ونماذج يحتذى بها. تؤدي الأنشطة التعليمية والحوار المجتمعي إلى خلق فضاء خالي من التهديدات حيث يستطيع أفراد المجتمع أن يعيدوا تقييم معتقداتهم وقيمهم المتعلقة بختان الإناث.

  • قيمة التصريحات العلنية

تسهيل التصريحات العلنية للقضاء على ظاهرة ختان الإناث يجعل التغيير في سلوك المجتمع أكثر وضوحاً ويشجع الآخرين على تبني أعراف  اجتماعية جديدة. يؤدي الالتزام العام، وخاصة إذا اتصف به الزعماء التقليديون أو الدينيون، إلى توليد ضغط اجتماعي مما يجعل من الصعب على أفراد المجتمع العودة إلى الممارسات السابقة ونقض التعهدات.

  • تحقيق أكبر قدر من التغيير والتوعية به من خلال وسائل الإعلام

ولا يزال بناء قدرات الإعلاميين يمثل أولوية نظراً للطبيعة المعقدة لظاهرة ختان الإناث والتضليل المتكرر حول هذا الأمر. إشراك وسائل الإعلام الوطنية والمحلية، بما في ذلك على مستوى المجتمع، له دور فعال في نشر المعلومات وإبراز المجتمعات التي قضت على ختان الإناث والتشجيع على التغيير إلى السلوك الإيجابي.

  • تطوير التنسيق وتعزيز القدرات

يتم إنشاء لجان وطنية برئاسة الحكومة وتتألف من جهات معنية رئيسية في عدة بلدان للقضاء على ختان الإناث. وقد ثبت أن تحسين التعاون بين الجهات المعنية يعزز القدرات الفردية والجماعية للقضاء على هذه الممارسة.

تعتبر الروابط بين التشريع وحقوق الإنسان والتغيير الاجتماعي الإيجابي التي تؤدي إلى القضاء على ختان الإناث معقدة. وقد تم إحراز تقدم كبير، ولكن لا يزال انتشار ختان الإناث على مستوى عال غير مقبول. تستطيع جماعات حقوق الإنسان المساعدة على تسريع وتيرة القضاء على الختان وتحقيق المساواة بين الجنسين، ولكن يجب أن تتخطى مرحلة التواجد على الورق فقط إلى التنفيذ. يجب أن تصبح جماعات حقوق الإنسان حقيقة واقعة في حياة النساء والفتيات.

دعونا نهتم بما جاء في القصيدة الصومالية المذكورة أعلاه عن كيف ينبغي لنا معاملة الفتيات: ’تربيتهن وإدماجهن في عالم مملوء بالحب، وليس في عالم مملوء بالحزن الأنثوي!‘