الفوز بإدراج حقوق الإنسان ضمن الأجندة الجديدة للتنمية المستدامة


Flickr/USAID (Some rights reserved)

“We envisage a world…where we reaffirm our commitments regarding the human right to safe drinking water and sanitation.”


في الأمم المتحدة في نيويورك هذا الأسبوع [25 سبتمبر]، سوف يعتمد رؤساء الدول من جميع أنحاء العالم رسمياً ’أجندة 2030 للتنمية المستدامة‘. وهي تشمل الأهداف الإنمائية المستدامة والأهداف المرتبطة بها. لقد أبرم الدبلوماسيون الاتفاق النهائي في أوائل أغسطس، وذلك بعد جولة مفاوضات محمومة تميزت بعدة تنازلات مخجلة في اللحظة الأخيرة.

لقد كان الدفاع عن حقوق الإنسان في محادثات التنمية بالأمم المتحدة في نيويورك دائماً مهمة شاقة. لا يوجد قصور في الالتزام الخطابي تجاه حقوق الإنسان، ولكن الواقع هو أنه –أكثر من عقد من الزمان بعد أن تم تعميم ’ربط حقوق الإنسان بالتنمية‘ نظرياً في الأمم المتحدة– لا يزال معظم الدبلوماسيين في نيويورك (والعديد من موظفي الامم المتحدة) لديهم فهم ضعيف جداً لحقوق الإنسان، وهم لا يرون ضرورة وجود علاقة بين حقوق الإنسان والتنمية.

ولذلك، لم يكن أمراً مستغرباً بشكل خاص، على الرغم من أنه لا يزال مخيباً للآمال، رؤية أن ما يشير إلى حقوق الإنسان في الأهداف الإنمائية المستدامة قد أصبح ورقة مساومة في الساعة الحادية عشرة. وعندما انتقلت المحادثات إلى عطلة نهاية الأسبوع الأخيرة في أغسطس، تضمن نص المشروع اعترافاً قوياً جداً بأن تحقيق جميع حقوق الإنسان هو الهدف الرئيسي للتنمية المستدامة، والتزاماً صريحاً بعدم التمييز على أي أساس. ومع ذلك، فقد اعترضت مجموعتان تفاوضيتان من الدول الأعضاء –هما المجموعة الأفريقية والمجموعة العربية– بشدة (وغير متماسكة من الناحية القانونية) على هذه النصوص. وقد طالبتا بإلغاء حظر التمييز على أساس أي "وضع آخر"، مدرج في نهاية قائمة أسس التمييز المحظورة (مثل الجنس والعرق والدين، إلخ)، حتى لو كان موجوداً في معاهدات الأمم المتحدة منذ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. للأسف، يبدو أن هذا كان بدافع من الرغبة في تجنب الاعتراف بحقوق المثليين والمثليات. (وقد أصرتا أيضاً على أن كل استخدام ’للمساواة بين الجنسين‘ يعقبه عبارة حول تمكين النساء والفتيات، وذلك لتجنب التضمين الذي قد يشير إلى المساواة على أساس التوجه الجنسي أو الهوية الجنسية). ومن دواعي القلق أننا ما زلنا نخوض هذه المعارك في أروقة الأمم المتحدة، أكثر من عقدين من الزمن منذ أن تم التأكيد مجدداً على وجود ترابط بين حقوق الإنسان والتنمية في مؤتمر فيينا العالمي لحقوق الإنسان، وأكثر من عشرين عاماً منذ أن أقر نظام حقوق الإنسان في الأمم المتحدة لأول مرة التوجه الجنسي والهوية الجنسية باعتبارهما أسس التمييز المحظورة.

 

في نهاية الأمر، كان الحل الوسط الذي تم التوصل إليه هو استبدال النص المتنازع عليه بنص منقول حرفياً من الوثيقة الختامية ريو+20، المستقبل الذي نريده. لقد كان هذا أمراً مخزياً، لأن النص السابق حدد العلاقات الواضحة بين أجندة ما بعد 2015 نفسها واحترام حقوق الإنسان وحمايتها وتحقيقها؛ في حين أن نتائج التسوية والتنازلات والحلول الوسط هي إعادة التأكيد بشكل عام على ’أهمية‘ قانون حقوق الإنسان و’مسؤوليات‘ الدول. كما أنها لا تذكر بالتحديد العمر أو العرق أو وضع الهجرة باعتبارهم أسس تمييز محظورة. ومع ذلك، فقد كانت استراتيجية سياسية ذكية، لأن النص في وثيقة ريو لا يزال يتضمن العبارة المهمة بكاملها ’أو أي وضع آخر‘ وقد وافقت جميع الدول عليها بالفعل.

ومن الجدير بالذكر أيضاً أن الإشارة إلى الحق في المياه والصرف الصحي –والتي ناضلت بلا كلل من أجله العديد من منظمات المجتمع المدني– عادت أيضاً إلى الصياغة المتفق عليها في ريو+20 ("نحن نتصور عالماً...حيث نؤكد من جديد التزامنا تجاه حق الإنسان في المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي")، بعد أن اعترضت الولايات المتحدة على المسودات السابقة متعهدة "بتحقيق" هذا الحق.

في الواقع، وعلى الرغم من تنازلاتها وعجزها، فإن أجندة 2030 من أجل التنمية المستدامة تمنح حركة حقوق الإنسان أساليب كثيرة لاستخدامها على مدى السنوات الـ 15 المقبلة. من المؤكد وجود أسباب كثيرة لانتقاد الأهداف الإنمائية المستدامة من منظور حقوق الإنسان. وعلى وجه الخصوص، لقد توقفت الأهداف والغايات بالنسبة للجزء الأكبر عن استخدام لغة صريحة عن حقوق الإنسان. وعلاوة على ذلك، يتم تضمين العقبات الهيكلية العاجلة أمام تحقيق التنمية المستدامة والتمتع بحقوق الإنسان بطريقة تدريجية ومتناقضة إلى حد ما (على سبيل المثال، الالتزام بالاستهلاك والإنتاج المستدامين يكمن جنباً إلى جنب مع الاهتمام المستمر بالنمو الاقتصادي).

ومع ذلك، فمن المهم أيضاً الاعتراف بخطوات هائلة تمت مقارنة بالأهداف الإنمائية للألفية. عند تقييمها وفقاً لـ’اختبار مصداقية حقوق الإنسان‘ الذي وضعته منظمات المجتمع المدني، يمكن أن نعلن تحقيق نجاح جزئي في كل فئة، والذي هو أكثر مما كنا قد نتجرأ أن نأمله عندما بدأت هذه العملية. لقد أصبح لدينا أخيراً أجندة تنمية عالمية تشمل عدم المساواة وتغير المناخ؛ وتعترف بأن طريقة الحكم والشفافية والحريات السياسية وتحقيق العدالة هي أمور حاسمة للتنمية العادلة؛ وتتعهد باتخاذ إجراءات بشأن مجموعة واسعة من قضايا حقوق المرأة، بما في ذلك الحقوق الإنجابية والصحة الجنسية والعنف ضد المرأة. وعلى الرغم من الأسلوبالانتقادي بشكل غير كافي لنظامنا الاقتصادي الحالي، فإنه توجد التزامات رائدة ومتعلقة بالموارد وهامة منصوص عليها في الأهداف الإنمائية المستدامة، وخصوصاً حول الديون، والضريبة التصاعدية، والتدفقات المالية غير المشروعة وتعزيز تمثيل البلدان النامية في إدارة الاقتصاد العالمي. وفي الوقت نفسه، وبصرف النظر عن التنازلات التي تتم في اللحظة الأخيرة، فإنه لا تزال توجد إشارات هامة إلى حقوق الإنسان في الاتفاق النهائي، بما في ذلك الاعتراف في الديباجة بأن الأهداف الإنمائية المستدامة ’تسعى إلى تحقيق حقوق الإنسان للجميع‘.

في الواقع، وعلى الرغم من تنازلاتها وعجزها، فإن أجندة 2030 من أجل التنمية المستدامة تمنح حركة حقوق الإنسان أساليب كثيرة لاستخدامها على مدى السنوات الـ 15 المقبلة. وفي شموليتها وعموميتها، وتركيزها على معالجة عدم المساواة وعلى ’عدم التخلي عن أي شخص‘، وترسيخ الإعلان عن الالتزامات الدولية لحقوق الإنسان، فإنه لديها القدرة على تعزيز التمتع بحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.

وبطبيعة الحال، سوف يكون التطبيق اختبار المصداقية الحقيقي. هنا، تظل الأسئلة الرئيسية بلا إجابة. لقد توقف تمويل يوليو من أجل اتفاق التنمية في أديس أبابا (متابعة لإجماع مونتيري 2002 وإعلان الدوحة 2008) على مسافة بعيدة من الالتزامات الملموسة والمحددة زمنياً اللازمة لإطلاق العنان لتمويل عادل وكافي وممكن تعليله من أجل التنمية المستدامة، وذلك بسبب تهرب البلدان الغنية وتكتيكات الذراع القوية التي تنتهجها. وعلاوة على ذلك، فإن الإطار المتصور حالياً لرصد ومراجعة تنفيذ أجندة ما بعد 2015 يعتبر غامضاً واختيارياً تماماً. ولذلك يوجد الكثير من العمل الشاق لا يزال يجب القيام به على الصعيدين الوطني والدولي لإطلاق العنان لإمكانيات الأهداف الإنمائية المستدامة باعتبارها وسيلة لتحقيق حقوق الإنسان والمساءلة. ولكن قد تم فتح المجال، وإطار شامل للالتزامات المكتسبة بشق الأنفس على وشك أن يوضع في المكان الذي ينطبق على جميع البلدان في جميع أنحاء العالم. وبالنسبة لحركة حقوق الإنسان وحلفائها في التنمية، يجب أن تبدأ الجهود الآن بشكل جدي وبإخلاص لضمان عدم ضياع هذه الفرصة التاريخية.