فيما يخص مكتب منظمة العفو الدولية بالهند، جمع التبرعات محلياً يتوقف تماماً علي العضوية

كما أوضحت سيما جوها سابقاً في هذا النقاش المطروح، المنظمات غير الحكومية أصبحت محط اهتمام وعلينا  جميعاً أن نكون أكثر حذراً وإبداعاً فيما يخص موارد جمع التبرعات. ولذلك فمكتب منظمة العفو الدولية بالهند يتطور ويسعي لتوسيع استراتيجية جمع التبرعات المحلية.

هناك ثلاث أقسام تتألف منها استراتيجية جمع التبرعات الخاصة بمكتب منظمة العفو الدولية بالهند. أول قسمين هما جمع التبرعات من الصناديق الاستئمانية الخيرية والمؤسسات، ومن الأثرياء. ولكن القسم الأكثر أهمية هو الثالث، والذي يعمل فيه فريق عملنا وجهاً لوجه لجمع التبرعات – وهو ما نطلق عليه "المنح المنتظمة"- هذا الجزء مركزي في عملياتنا.

حتي شهر مارس لهذا العام، كانت عملية التماس الدعم من المانحين تتم من خلال مكتبي بنغالور وتشيناي. هذا الشهر قمنا ببدء عمليات في ثلاث مدن إضافية- بيون ومومباي وحيدر أباد- لجمع التبرعات من خلال المنح المنتظمة. في هذه العملية، نقوم بالوقوف في الشارع خلال ساعات العمل (ويشمل هذا قبل و بعد ساعات العمل بقليل). نطلب من المارة التوقف ونعرفهم بمنظمة العفو الدولية وبرنامج عملنا في الهند. تستغرق هذه المحادثة حوالي 15 دقيقة وتشمل التعريف بمشاريعنا السبعة الحالية في الهند: المحتجزين تحت المحاكمة، والحقوق القبلية في مناطق تعدين الفحم، وحق المرأة في الإبلاغ عن العنف الجنسي، والمشاريع الأخري.

وجودنا هنا في الهند لم يمر عليه أكثر من أربع سنوات، ولذلك لم يسمع الكثيرون عن مكتب منظمة العفو الدولية، "فمكانتنا على الساحة" ليست بارزة. بأخذ هذا فى الاعتبار، نعمل علي تعريف الناس بعملنا المستمر منذ عقود على النطاق الدولي في مجال حقوق الإنسان وحصولنا علي جائزة نوبل للسلام.

في نهاية المحادثة، نتحدث عن كيف يتم تمويلنا ونسأل ما إذا كان هذا الشخص يود أن يكون مساهم بشكل منتظم. من يرد المشاركة، يملىء استمارة ببياناته البنكية ويختار القيمة الشهرية– بين 400 إلى 1000 روبية هندية - التي يريد المساهمة بها. قمنا بتحديد أدني قيمة للتبرع بناءً علي خبرتنا في العثور علي نقطة متوسطة مناسبة للمواطن الهندي العادي، ومعرفتنا بسعر السوق (ونعني بهذا الحد الأدني للتبرع في المنظمات الأخري). أكثر من ثلث المتبرعين المنتظمين لدينا من النساء، وهذه النسبة في تزايد مستمر بمرور الوقت. إلي جانب وقوفنا في الشارع  لجمع التبرعات، نحاول التعاون مع منظمات مثل الشركات الكبرى ليسمحوا لنا بمساحة داخل مكاتبهم لعدة أيام نقوم بها بإشراك الموظفين في التبرع.  

هذا الأمر مهم لأن الاشتراك مرتبط مباشرة بساعات العمل التطوعية في الشوارع.

تعد عملية جمع التبرعات هذه عمل شاق، ومليئة بالتحديات. الطقس بحد ذاته يقف عائقاً أمامنا. ففي الأجواء الحارة لا نملك إلا ساعات محدودة في عدة مدن (في مدينة تشيناي الجنوبية الساحلية ذات الحرارة القائظة علي سبيل المثال، نبدأ في العمل في وقت متأخر ونظل حتي ساعات متأخرة من الليل). موسم الرياح يعني أن بعض الأيام ستغرق مومباي بأمطار غزيرة ولا يمكننا العمل فيها إطلاقاً. هذا العام، خسرنا شهر كامل من العمل نتيجة للفيضانات الأخيرة في تشيناي، والتي أجبرت المدينة بأكملها علي التوقف. هذا الأمر مهم لأن الاشتراك مرتبط مباشرة بساعات العمل التطوعية في الشوارع.

التحدى الثاني هو أمر غير معتاد بعض الشىء ويتعلق بقواعد ملء الأفراد لاستمارات بياناتهم البنكية وتوقيعها. في كثير من الأحيان تقوم البنوك بإرجاع هذه الاستمارات، لوجود اختلاف في التوقيع. هذا الأمر يمكن حله ولكن يتطلب وقتاً لأننا نحتاج إلى التواصل شخصياُ مع صاحب التوقيع مرة أخرى.

التحدى الثالث، هو أن تعيين أفراد فى حملة التبرع يكون أيسر في بعض المدن من أخري . بالرغم من أن لغة العمل لدينا هي الإنجليزية، إلا أن طبيعة المحادثات في الطرقات تتطلب منا أن نكون طلقاء في اللغة المحلية. وجودنا في عدة مدن سيعني أن نقوم بتغيير طريقة توزيع فريق عملنا.  


Aijaz Rahi/Press Association Images (All rights reserved)

As part of their campaign in Bangalore, India, an Amnesty international official explains the use of a 'virtual reality instrument' that takes the user step by step through the process of reporting sexual violence at a local police station.


التحدى الأخير كما ذكرنا سابقاً، هو أن مكانة منظمة العفو الدولية في الهند ليست بنفس أهميتها في بعض دول أوروبا علي سبيل المثال، حيث بدأت نشاطها في الستينات. هذا الأمر يتحسن بمرور الوقت، ولكن في الوقت الحالي علينا أن نجذب الأفراد إلي "المنتج" فضلا ً عن العلامة التجارية. فالأهم هى البرامج التي نقدمها وليس اسمنا الذي سيجذب المساهمين.

نظام المنح المنتظمة هو الطريقة التي تتبعها الكثير من المؤسسات الخيرية حول العالم لجمع التبرعات. فهي طريقة يسهل إعادة تطبيقها في مدن أخري كما أنها تجعل المنظمة أقل اعتماداً علي التبرعات الضخمة سواء كانت من الصناديق الاستئمانية الخيرية والمؤسسات أو من الأثرياء.

بالتنفيذ الجيد، يمكن للمنح المنتظمة أن تنتج ريعاً يتزايد بشكل متضاعف كل عام. مثلاً، يمكن أن يشترك 100 مانح منتظم في المؤسسة في عام 2015 وفي عام 2016 يشترك 100 مشترك آخر، ولكن قد انسحب 20 مشتركاً من العام الماضي. إذن أغلق عام 2016 بوجود 180 مانح منتظم. في عام 2017 هذا الرقم في الغالب سيصل إلي 240 وهكذا. هذا النوع من النمو المتضاعف يصعب تحقيقه فى استراتيجتي جمع التبرعات الأخريتين.

علاوة علي ذلك، فعادة ما تقوم الصناديق الاستئمانية الخيرية والمؤسسات بتخصيص تمويلها، مما يحدد مساهمتها لمشروعات بعينها. فحديثاً القانون الهندي بخصوص المسئولية الاجتماعية للشركات يطالب جميع الشركات الهادفة للربح والتي يفوق ربحها حداً معيناً أن تخصص 22% من أرباحها للتبرعات،هذا فتح مورداً جديدة للمنظمات غير الهادفة للربح. ولكن الحكومة  تحصر وجهات صرف هذه التبرعات.

أما الأفراد علي الجانب الآخر، فيميلون للانجذاب نحو أشياء مختلفة. فالعديد منهم يريدون أن يروا تغيراً في مناطق معينة، علي سبيل المثال حالة السجناء المحتجزين في انتظار المحاكمة، أو العنف الجنسي تجاه المرأة. كما أن جمع التبرعات الفردية يوفر عاملي الاستقرار والتنبؤ اللذين يجعلانه أكثر تفضيلاً  في جمع التبرعات على عدد أصغر من الموارد، مثل الصناديق الاستئمانية الخيرية والأثرياء. أفضل ما يميز جمع التبرعات الفردية أنه بطريقة ما يفوق الدافع المالي تماماً. ليمثل شيئاً جامعاً للأفراد الذين يستثمرون في هدف واحد: خلق مجتمعاً يحترم الحقوق المدنية. مكتب منظمة العفو الدولي بالهند ليس مهمة بيروقراطية تعنى فقط بمراقبة ومعايرة مستويات حقوق الإنسان بالهند. نحن حركة ناشطة من الهند وبابنا مفتوح للمشاركة.